Admin Admin
عدد المساهمات : 918 نقاط : 2668 شكرآ : 0 تاريخ التسجيل : 05/01/2010 الموقع : https://hamess.own0.com
| موضوع: كن كالشجر يقذفه الناس بالحجر..فيجود بأطيب الثمر الخميس يونيو 10, 2010 6:33 am | |
|
كن كالشجر يقذفه الناس بالحجر..فيجود بأطيب الثمر
إن من مجالات الذوق البالغة الأهمية في حياتنا ما يلي:-
- أولاً: الامتناع عن مجاراة السفهاء والجهلاء:
قد تُبتلى بالسفيه أو الجاهل في أي مكان، في الطريق، أو في العمل، أو في السفر.. وغير ذلك، وربما يؤذيك
بسفاهته وجهله، فليس من الذوق أن تجارdه وتستثيره، تجنباً لما يخرج منه من قولٍ سيئ؛ لذا كان التوجيه
القرآني في هذا الشأن، حيث وصف رب العزة عبادالرحمن بقوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى
الأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) (الفرقان/ 63).
ولله در الشاعر، إذ يقول:
لا ترجعنّ إلى السفيه خطابه ***** إلا جواب تحية حيالها
فمتى تحركه تحرك جيفةً ***** تزداد نتناً إن أردت حراكها
ومن الذوق تجنب مجاراة السفيه أيضاً حتى لا تكون مثله، يقول أبو تمام:
إذا جاريت في خلق دنيّاً ***** فأنت ومن تجاريه سواء
- ثانياً: التسابق في خدمة الزملاء:
قد تسافر مع بعض زملائك وتغترب للدراسة أو لأي غرض، ويتطلب الموقف أن تخدموا أنفسكم بأنفسكم، فإذا
كانوا بصدد إعداد طعام مثلاً فيجب أن تكون سبّاقاً، ومن الذوقً أن تشارك مشاركة فعّالة في خدمتهم، فخادم القوم
سيدهم، بيد أن بعض الناس للأسف ينتظر غيره ليخدمه، ولا يشارك بأي مجهودٍ، وتلك قلة ذوق، فبأي منطق
يجلس البعض متكئين، لا يشارك إلا في التهام الطعام، ويمتنع عن إعداده، أو وضعه على المائدة أو رفعه من
عليها.
- ثالثاً: تجنب السخرية والتشفي من الغير:
هناك شخص توصف نفسيته في علم النفس بـ"نفسية الصراع"، فهو دائم الهمز واللمز لمن خالفوه، وقد حذّر
القرآن الكريم من ذلك وشدّد فيه، وتوّعد صاحبه بقوله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (الهمزه/ 1).
فمن الذوق أن نقدِّر الناس، وأن نحترم مشاعرهم، وأن نستوعب عاهاتهم، ونقدر ابتلاءاتهم، فربما يكون أحدهم
مبتلى بداءٍ يصعب الفكاك منه، فإذا سخر منه الآخرون فتحوا بذلك مداخل للشيطان في إيغار صدره، وإثارة
أحقاده على غيره.
ومن الذوق أيضاً أن نرقى بأنفسنا عن الضغائن، وألا نبحث عما قوله غيرنا في حقنا من مساوئ أثناء غيابنا،
حتى لا نعيش في أجواء كلها صراعات، فيذهب هدوؤنا وترحل سكينتنا، ويضعف إيماننا.
وما أروع قول الشاعر العلاء بن الحضرمي وهو صحابي جليل معروف – حيث أنشد:
وحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم ***** تحية ذي الحسنى فقد ترقع النقل
فإن دحسوا بالشر فاعف تكرماً ***** وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل
فإن الذي يؤذيك منه سماعه ***** وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
وقد تكون واحداً في فريق عمل، فتجد مجموعة من هواة العيش في أجواء ساخنة تشبه الصراعات بين الجشعين
من تجار الدنيا، ويتكتلون ضدك، ويكوّنون ما يسمى "اللوبي"، وتضيع منهم الموضوعية في تقييمك وتقييم
أدائك، لأن لديهم اتجاهاً عدوانياً تجاهك وتجاه كل أعمالك وأفكارك، وهؤلاء ليس لهم نصيب من الذوق وضعيفو
الإيمان؛ لأن نفس المؤمن الصافية تتعب عندما تعيش في هذه الأجواء المليئة بالتآمر والتعصب والعنصرية
والخصومة والغيبة.
يقول الإمام النووي: "قال بعضهم: ما رأيتُ شيئاً أذهب للدين، ولا أنقص للمروءة، ولا أضيع للذة، ولا أثقل للقلب
من الخصومة، وكم من كلمات الغيبة التي يزينها الشيطان تحت رونق النصح ومعرفة الواقع، بينما هي في
الحقيقة نفثات مصدور، وتمضمض بالأعراض، يكرّ على الحسنات فيفنيها" (الإمام النووي: الأذكار).
- رابعاً: التفسح في المجالس:
فقد تكون في مجلس علم أو غيره، ويأتي غيرك ليجلس فلم يجد مكاناً، فهنالك لابد أن تفسح له، وأن تسعه معك
كأن توسع الدائرة، أو تقترب من جارك في المجلس على يمينك أو على يسارك حتى يجد مكاناً له، وقد أكّد القرآن
الكريم هذا الذوق الرفيع في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ
لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
(المجادلة/ 11).
ويقول الأصمعي: "كان الأحنف إذا أتاه إنسان وسّع له، فإن لم يجد موضعاً تحرّك ليريه أنه يوسع له"
(عيون الأخبار).
-خامساً: تجنب النكت والطرائف غير اللائقة:
جمعني قدر ربي في حين من الدهر بشخص كان زميلي في العمل، هذا الرجل لا يكف عن إلقاء النكت غير
اللائقة، ولا يملّ أبداً، ويكثر من الحديث عن النساء، ويختلق في ذلك الأقاويل، ويفني من عمره الكثير، ليدخل
على الإنترنت ويجمع النكات الهابطة!!
والأدهى من ذلك والأمرّ فساد ذوقه، وعدم تمييزه بين ثقافات الناس ومناهجهم في الحياة، فهو لا يفرق حين يلقي
طرائفه "الممسوخة" بين شخص متدين ملتزم محترم لا يحب سماع هذا الهراء، وبين شخص مستهتر غير
منضبط مثله!!
وذات يوم قلت: لأكلمنّه بيني وبينه بأسلوب لطيف كما أمر رب العزة: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل/ 125)،
وبعد أن هيّأت الجو لذلك، وحاولت أن أهز فيه النخوة وأذكّره ببعض آبائه وأجاده من العلماء الأفاضل وببعض آي
القرآن الكريم وهدي رسولنا الحبيب(ص)، فكان ردّه: "كل الناس يلقون تلك النكت وأنت متشدد". فقلت له:
فلنحتكم إلى خالقنا وهو أعلم بنا، وهدي رسولنا(ص)، ولا نحتكم إلى الناس ولا إلى ما أقوله أنا، فكان رده:
إن كان ما أقوله إساءة فقد كررته في سنوات عمري الماضية!!
فقلت: رحم الله ابن حزم الفقيه الأندلسي الظاهري، حيث يقول: "لم أر لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق من
كلمتين ألقاهما على ألسنة دعاته، إحداهما: اعتذار من أساء بأن فلاناً أساء قبله، والثانية: استسهال الإنسان أن
يسيء اليوم لأنه قد أساء أمس، أو أن يسيء في وجه ما لأنه قد أساء في غيره".
- سادساً: ذوقيات الحلاقة:
مما تراه وتعجب له أشكال من قصات الشعر، وفدت إلينا وقلدناها تقليداً أعمى، وليس هذا من الذوق.
ومن هذه الصور ما شاع بين كثير من شبابنا، حيث يحلق الشباب بعض شعر الرأس ويترك بعضه، وقد ناقشت
كثيراً من الشباب في هذا الأمر، فوجدتهم يخلطون بين سنّة إكرام الشعر وتصفيفه، وقد حث على ذلك
رسولنا(ص)، وتجد الشاب يبادر بالرد عليك بأن هذا الذي يصنعه سنة عن رسول الله(ص)، وربما لم يطبق
من سنة النبي(ص) إلا ما وافق هواه وكان في صالحه، وهو في ذلك يشبه المنافقين.
- سابعاً: ذوقيات المسجد:
قد تكون جالساً في المسجد ساكناً خاشعاً، فإذا بشخص يتخطى رقاب الناس، وكأنه لا يتعامل مع بشر في بيت رب
البشر، وحسب هذا الشخص أن يسأل نفسه: ماذا لو كان عنده ضيف في بيته، فدخل شخص آخر وأهان ضيفه في
بيته؟ ما شعوره ساعتها؟ أليست هذه إهانة؟ فما عاقبة من أهان ضيوف الرحمن وآذاهم في بيته؟!!
وقد تكون جالساً في بيت الرحمن إذا بشخص متوضئ يتصبب ماءً، أو قادم من الخارج يتصبب عرقاً، فيأخذ بيده
الماء أو العرق وينثره يميناً ويساراً على المصلين بعد أن ينزعه من على جبينه ووجهه!!
وفي أثناء استماعك لخطبة الجمعة أو عند الصلاة تفاجأ بصوت الموسيقى ترتفع من الهاتف أو صوت مطرب
أو مطربة يعلو، في حين يتلو الإمام آية قرآنية أو حديثاً شريفاً، فيشوش على الإمام والمصلين!! ألم يسأل هذا
الشخص نفسه: بم يجيب ربه عندما يسأله عن هذا الخطأ؟ وماذا يقول لهؤلاء جميعاً وكيف يعتذر إليهم؟
وقد تخرج فلا تجد حذاءك أو تجده قد ديس عليه وأصبح مشوهاً.. وليس ذلك كله من الذوق.
- ثامناً: ذوقيات قيادة السيارة واستعمالها:
قد تسير في طريقك فتجد من يطاردك ويلتصق بسيارتك من الخلف، ويعطيك أصواتاً مزعجة من آلة التنبيه،
وربما تسير ليلاً ومعك زوجتك وأولادك، فيقلب أضواء سيارته المرتفعة من خلفك، لانه يريد أن يسير بسرعة
150 كم في الساعة مثلاً، في حين أنك تسير بأقصى سرعة يسمح بها الطريق!!
وقد تجد آخر يفتح باب سيارته ويلقي بالنفايات على الطريق، أو يبصق فيه!! وقد تخرج من بيتك في عجالة
لتلحق بعملك فتجد من سدّ الطريق على سيارتك فلا تستطيع الخروج.
- تاسعاً: ذوقيات المائدة:
علمنا الإسلام ذوقيات كثيرة خاصة بالمائدة، أهمها:
1- التسمية والأكل باليمين والأكل مما يلي الآكل، فقد وجه (ص) غلاماً رآه لم يلتزم بهذه الذوقيات بقوله:
"يا غلام، سمّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك".
2- تجنب الشره والبطنة، فمن هدي الرسول (ص): "ماملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه".
3- الأكل من الطعام إن أعجبك، والكف عنه وعن إبراز عيوبه إن لم يعجبك، فذلك من هدي النبي (ص)
في ذوقيات المائدة.
4- الانتهاء عن متابعة اللقلم والسرعة في الأكل، ولذلك نهى رسول الله (ص) عن "القرآن" في التمر كما ورد في
صحيح البخاري، و"القرآن": هو أكل تمرتين معاً، لأنه يدل على النّهم والشره وسرعة الأكل.
ومن الطرائف في ذلك وصف الرصافي لشخص أكول، حيث أنشد فيه:
أكب على الخوان وكان خفاً ***** فلما قام أثقله القيام
ووالى بينها لقماً ضخاماً ***** فما مرئت له اللقلم الضخام
وعاجل بلعهن بغير مضغ ***** فهنّ بفيه وضع فالتهام
فضاقت بطنه شبعاً وشالت ***** إلى أن كاد ينقطع الحزام
5- تجنب النظر لغيرك وهو يأكل، فقد روي أن أعرابياً حضر مأدبة أحد خلفاء بني أمية، فأنشأ يأكل والخليفة
ينظر إليه، فرأى الخليفة في لقمة الأعرابي شعرةً، فنبهه إليها. فقال الأعرابي: أتنظر إليّ نظر من يرى الشعرة
في اللقمة؟! والله لا أصبت من طعامك بعد هذا. فقال الخليفة: استرها عليّ يا أعرابي ولك ألف دينار!!
| |
|