Admin Admin
عدد المساهمات : 918 نقاط : 2668 شكرآ : 0 تاريخ التسجيل : 05/01/2010 الموقع : https://hamess.own0.com
| موضوع: دوام اليقظة للقلوب.... الخميس يونيو 10, 2010 8:16 am | |
| حينما يظلم الليل وتسكن الحركة، ولا يسمع الإنسان إلا صوت نفسه. يلوح الخاطر
بما لا يستطيع الاعتراف به في ضوء النهار.
وضعت رأسي على المخدة، والنوم يداعب أجفاني، فبدأت أتأمل حال القلوب، تارة رأيت الرؤوس مطرقة قد
ندمت على تفريطها، و العزائم نهضت لإصلاح شؤونها؛ فالعين تدمع، والقلب يخشع، واللسان لا يزال رطبا
بذكر الله . لكن سرعان ما عادت الطباع لأوكارها، وأنزلت تشميرة يدها، فالبدن أسير مستخدم،
والقلب منغمس في ذلك.
قلت لنفسي: ما بال هذه اليقظة لا تدوم، و ماذا حل بي ؟ وما السبب؟
فسمعت صوتا يقول : قلبك به مرض.
استدرت، فلم أجد أحدا، فإذا هو صوت بداخلي، فزعت و قلت: مرض !؟ ومن أنت ؟ وكيف عرفت؟.
فأجابني : لأنني من أعاني، تعبت من هاته الأمراض، كل جهدي بحملها، فأظلمت أركاني بسببك.
قلت مذهولا: وما السبب ؟ وكيف لم أحس؟.
قال القلب: لأنك لزمت الدنيا، نسيت الموت وعشت للحياة الفانية، ركنت إليها، غشيتك أنانيتك، فولع قلبك بالكسل
والعجز والبخل والحسد و...كثرت ذنوبك ومعاصيك، فطبع على قلبك. نسيت الله فأنساك نفسك. ألم تسمعي بقوله
تعالى: (يأيها الذين أمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين
نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون). سورة الحشر، الآية: 18-19.
فقاطعته صارخة: يكفي .
فلم يأبه بي واستدرك قائلا: وبما سينفعك كل هذا، ألم تفكري إن قبضت روحك وأنت على هاته الحال؟ بم ستلاقي
ربك، ألن تستحي من موقفك؛ وهو خلقك، ووهب لك نعمة البصر والسمع والنطق واليدين والرجلين،
و...و...و..أنت كلك نعم بل إنك آية من آيات الله، يباهي بك أهل السماء. خلق لك الأراضين والسماوات السبع
وما فيهن، و سخر لك الكون كله، هل فعل لك آخر مثل هذا الصنيع؟.
فصرخت جاهشة: يكفي، يكفي، يكفي.
فاستمر: وفوق هذا كله، يغفر لك، ويرحمك، ويشفق عليك من العذاب، ويقبلك إن عدت إليه. فبم ستلاقينه؟ وماذا
سينفعك حينها؟ (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) سورة الأنعام، الآية: 120.
فقلت : قلب سليم ؟ ! وما هو القلب السليم؟.
قال: القلب السليم هو القلب الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر، وحب الدنيا و...
ومن كل آفة تبعده عن الله.
فقلت لنفسي: ما علمت أن عدم الإحساس راجع لقوة المرض، وسألته: فما العمل ؟ وماذا أفعل؟
وكيف أصلح كل هذا؟.
أجابني بلهفة: أول الدواء الندم على ما فات، والعزم على الإقبال إلى الله عز وجل ليستقيم القلب، روى سيدنا انس
بن مالك، رضي الله عنه، حديثا حسنا ورد في صحيح الترغيب للألباني رحمه الله، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه
حتى يستقيم لسانه ، ولا يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه).
وإذا خلا القلب من كل ما يدنسه استقام، وإذا استقام القلب وصلح، صلح الجسد كله كما قال الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا
وهي القلب ). رواه في الصحيحين البخاري ومسلم رحمهما الله.
ابحثي عمن يدلك على الله، خاللي الصالحين تكوني منهم، وجالسي الذاكرين تذكرين معهم و تنجين بشفاعة
أحدهم، فقد قال عز من قائل: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه،
ولا تعد عيناك عنهم) سورة الكهف،الآية:28.
حينها يكن قلبك سليما كلما ناداه بارئه كان مستعدا وفرحا باللقاء.
فأفقت من غفوتي على صوت آذان الفجر، ولا يتردد في أذني إلا صوت واحد يقول : يكن قلبك سليما.
اللهم ارزقنا سلامة القلوب. | |
|